الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012

بناء الثقة بالنفس والاستقلاليةبناء الثقة بالنفس والاستقلالية/د.عطيه أبوالشيخ




مفهوم الثقة بالنفس:
 بداية تعالوا بنا نستهل هل هذه المحاضرة بقصة الصحابي عبد الله بن الزبير عندما كان يلعب مع أصحابه في أحد طرقات المدينة فمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بالقرب منهم فهرب كل من كان معه الإ عبد الله بن الزبير فقد بقي واقفا في مكانه فسأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه لماذا لم تهرب كما فعل أصحابك؟ فقال : لم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك ولم أفعل شيئا فأخافك.
          فالثقة بالنفس هي: قدرة الفرد على إدراك ممتلكاته الداخلية من مشاعر وأفكار وقدرات بدنية واستعدادات وملكات، إضافةً إلى إدراك وبنفس الدرجة للواقع الخارجي وما يسمح به وقدرته على الحصول منه على ما يحتاج أو ما يتعلق بفرص تغييره له ليتناسب مع احتياجاته" .
أي أن مفهوم الثقة بالنفس يحتوي على ركنين أساسيين هما :
1- إدراك الفرد (ووعيه) بما يملكه على المستوى الشخصي الداخلي.
2- إدراك الفرد (ووعيه) بما تتيحه البيئة والموقف من الخارج.
مفهوم الذات:
         وهو مفهوم يرتبط بدرجة كبيرة بمفهوم الثقة بالنفس، ونتعرف من خلاله على الكيفية التي تتكون بها الثقة بالنفس ، ويُعرف مفهوم الذات بأنه:
الصورة التي يرسمها الفرد عن نفسه، والتي تتضمن النسق المتكامل لشخصية الفرد ذلك النسق الذي يتضمن كل ما يملك من قدرات ومهارات وسمات.
وهنا سنجد أن (مفهوم الذات) جزء من (الثقة بالنفس) ، فلو راجعت مفهوم الثقة بالنفس ستجده ركنين الأول درايته بما يملك (مفهومه عن ذاته) و درايته بالعالم الخارجي.
وعلى هذا فإن الثقة بالنفس هي نتاج – في جزء كبير منها – لمفهوم الشخص عن ذاته.
كيف يمكن لمفهوم الذات أن يؤثر على ثقة الفرد بذاته؟
         يشير ريموند كاتل – أشهر العلماء الذين تحدثوا عن الذات- إلى أن (الذات) يمكن تقسيمها إلى قسمين هما :
الذات الواقعية : والتي تعني ما يملكه الفرد بالفعل من مهارات وقدرات ومشاعر وأفكار ..
الذات المثالية : والتي تعني ما يتمنى الفرد أن تكون عليه قدراته ومهاراته ومشاعره وأفكاره..
   ويشير إلى أن كل المشكلات التي تتعرض لها الذات إنما تأتي حينما :
يكون هناك فرق هائل بين الذاتين الواقعية والمثالية، أو ما يمكن اختصاره إلى الفرق بين ما هو كائن بالفعل وما ينبغي أن يكون.
       وهنا نصل إلى صُلب العلاقة بين (مفهوم الذات) و (الثقة بالنفس) باعتبار أن الفرد الذي يُكَوِن مفهوم (جيد) عن ذاته، فإن هذا يعني مُعدل (جيد) من الثقة بالنفس بالتابعية. 
كيف يتكون مفهوم الذات من خلال؟
يتكون مفهوم الذات من خلال:
1- الصورة التي تنقلها الأسرة للطفل أثناء التنشئة الاجتماعية ومنذ المراحل الباكرة.
2- خبرات الطفل نفسه في التعامل مع البيئة الخارجية سواء كانت بالسلب أو بالإيجاب.
     إن مفهوم الذات لا يولد مع الطفل وهو لا يرثه عن أبويه كما يرث لون عينه وشعره وإنما يكتسبه من البيئة حوله من خلال تفاعله مع الآخرين وخاصة الأشخاص المهمين بالنسبة إليه أن الطفل الرضيع لا يكون لديه صورة مستقلة عن ذاته بل يعتقد انه جزء من البيئة المحيطة حوله وعندما يرى نفسه في المرآة يعتقد انه يرى طفلا آخر ولا يدرك انه ينظر إلى نفسه ولكن منذ الشهر التاسع يبدأ يميز ذاته تماما ككائن مستقل عن بيئته ويمكنك التأكد من ذلك عندما نضع على وجه الطفل علامة ما ثم نجعله ينظر إلى وجهه في المرآة نرى أن الطفل يضع يده على مكان العلامة في وجهه.
أهم العوامل المكونة للشخصية العوامل:
1.الوراثية 2.الفسيولوجية 3.البيئية  4.الزمنية  5.الاكتسابية  6.الاعتقادية   7. المادية
خصائص الطفل الذي يتمتع بمفهوم ذات مرتفع:
       تتميز شخصية الطفل الذي يتمتع بمفهوم ذات ايجابي بالخصائص الآتية :
1- يفخر بانجازاته (( انظر كم هي جميلة الصورة التي رسمتها بنفسي ))
2- يتمتع بالاستقلالية (( لقد أنهيت واجبي وحدي ))
3- يتحمل المسؤولية (( سوف أقوم بهذا العمل عنك ))
4- يتحمل الإحباط (( إن مسألة الحساب هذه صعبة جدا ولكني سأحاول وأحاول حتى أحلها ))
5- يقبل على الخبرات الجديدة بحماس (( لقد اخبرنا المعلم بأننا سوف نتعلم القسمة غدا ))
6- يمتلك القدرة على التأثير في الآخرين (( دعني أعلمك كيف تمارس هذه اللعبة التي تعلمتها))
7- يستطيع أن يعبر عن مدى واســع من الانفعالات (( اشعر بالسرور عندما يعود أبي من السفر، واشعر بالحزن عندما يغيب ))
خصائص الطفل الذي يمتلك مفهوم ذات سلبي:
على النقيض من ذلك فان خصائص الطفل الذي يمتلك مفهوم ذات سلبي كالتالي:
1- يتجنب المواقف التي تسبب القلق : (( اليوم لن اذهب إلى المدرسة لان لدي امتحان صعب ))
2- يحط من قيمته وإمكانياته : (( إن رسومي ليست جميلة ))
3- يشعر بان الآخرين لا يقدرونه: (( أصدقائي لا يحبونني وأبي يكرهني ))
4- يلوم الآخرين على فشله : (( لقد رسبت في الامتحان لان المعلمة لم تشرح الدرس جيدا ))
5- يتأثر بالآخرين : (( صديقي علمني أن أغش في الامتحان ))
6- يستثار بسهولة : (( أنا لم اكسر هذه اللعبة ))
7- يشعر بالعجز: ((لا استطيع أن احل هذه المسألة ))
8- يعبر عن مدى ضيق من الانفعالات : (( أنا لا اهتم أن جاء أبي أم ذهب ))
لنتمعن الآن في دراسة حالة هذا الطفل من خلال كلام أمه التي تشتكي من مشكلة شائعة يعاني منها ابنها:
(( إن ما يثير دهشتي أن ابني ذكي جدا بشهادة الجميع عندما يكون في البيت ، ولكن لا ادري عندما يذهب إلى المدرسة ويقدم امتحانا في الحساب فانه يعجز عن حل ابسط المسائل ، ويختلق أعذارا كثيرة عندما يكون لديه امتحان حتى لا يذهب إلى المدرسة .. فيوم معدته تؤلمه ، ويوم عنده صداع ، لقد احترت ماذا افعل معه؟؟
      يبدو من كلام هذه الأم أن طفلها يفتقر إلى ثقة أفضل بنفسه حتى يواجه الصعوبات في الحياة المدرسية بدلا من الهروب منها ، لأنه لا يستطيع مواجهة الفشل والإحباط. ولنتفحص حالة أخرى من خلال كلام إحدى المعلمات عن طفل في صفها إذا تقول: ((أن هذا التلميذ سلبي خجول عندما اسأله هل فهمت هذا التمرين يقول نعم وعندما اسأله سؤالا حتى أتأكد من ذلك اكتشف انه لم يفهم شيئا يبدو غير مهتم بما يدور حوله في الصف وهو كثير التغيب .. كثير السرحان)).
     على الآباء والمعلمين أن يطبقوا الأساليب التربوية الصحيحة في التعامل مع الطفل منذ نعومة أظفاره لان تأثيرها يكون ناجحا وناجعا عندما يكون التدخل مبكرا ومع الأسف أن الآباء والمربين يستخدمون أساليب تربية خاطئة مع الطفل ومن غير قصد بحيث يزرعون الخوف والقلق وعدم الثقة في نفوس الأطفال فنرى إن العديد من الآباء يستخدمون أسلوب الضرب والعقاب البدني أو أثارة الألم النفسي أو أسلوب التذبذب في المعاملة أو التدليل المفرط للأبناء وفي كثير من الأحيان يشعر الآباء والمعلمون الطفل أنهم يضعون توقعات منخفضة إزاء تقدمه في سلوكه وانجازه .
النبوءة تحقق ذاتها
هناك نظرية ثبتت صحتها في كثير من الحالات وهي نظرية((النبوءة التي تحقق ذاتها )) ومفادها إننا إذا اعتقدنا أن الطفل فاشل وكسول فانه سوف يفشل لا محالة دعوني أقص عليكم هذه القصة التي أجراها احد الباحثين في احد الصفوف . جاء هذا الباحث واخبر المعلمة بعد أن اختار عينتين عشوائيتين من صفها إن العينة الأولى من الطلاب ذكاؤهم محدود لذلك فانه من المؤكد أن أداءهم سوف يكون متدنيا بينما أفراد العينة الثانية قدراتهم عاليا وهم سوف يحققون مستوى عال من التحصيل ولكن اللعبة التي لعبها هذا الباحث على المعلمة انه لم يكن يعرف مطلقا القدرات الحقيقية لهاتين المجموعتين ولكنه أراد أن يختبر نظرية النبوءة التي تحقق ذاتها فماذا وجد؟
عندما عاد إلى نفس المدرسة في نهاية العام الدراسي وجد بالفعل إن أداء المجموعتين كان متماشيا مع توقعاته التي نقلها إلى المعلمة ، ويبدو أن المعلمة بدورها قد صدقت هذا الكلام وترجمته دون أن تشعر من خلال سلوكها مع طلابها الذين التقطوا هذه الرسالة بدورهم وصدقوها وسلكوا سلوكا يتماشى مع هذه التوقعات وبذلك تحققت النبوءة والتوقعات.
كيف نتعرف على ضعيف الثقة بنفسه:
ـ الدلائل الفسيولوجية: رجفة، ذبول، تشنج،عدم قدرة على التأمل،الضعف العام،عدم الاهتمام بمظهره.
ـ الدلائل السلوكية:الحساسية الزائدة، إخفاء حقيقته، محاولة لفت الناس إليهم،يصدق غيره،ترك العمل لأتفه الأسباب،الضعف تجاه المواقف، لا يسعى لأن سكون سباقا.
ـ الدلائل النفسية: عدم الطمأنينة،الشك، القلق، التشاؤم،بلا أهداف،الاعتقاد بان الآخرين ينتقدونهم، غير اجتماعي.
أسباب ضعف الثقة بالنفس:
   عدم معرفة الذات، احتقار ذاته،النقص الجسماني، الانزواء،النقص العاطفي، التصورات الموهومة.
كيف ننمي مفهوم ذات ايجابي لدى أبنائنا؟؟
        هناك وسائل عديدة يمكن أن نتبعها كآباء ومعلمين كي نزرع الثقة في نفوس أبنائنا لان ذلك سوف يؤثر إيجابا على تحصيلهم الدراسي وعلى توافقهم النفسي والاجتماعي .
 ويمكن تلخيص الأساليب الصحيحة في التعامل مع الأطفال لتحقيق هذا الغرض كالتالي:
ألثقة:
أ : الاستقلالية
ل : لغة التواصل الصحيح
ث : الثبات في المعاملة
ق : قبول الطفل كما هو
ة : تشجيع الطفل
أولا الاستقلالية:
    إن الطفل منذ صغره يبدي استعدادا للاستقلالية ولكن مع الأسف فان بعض الآباء يقمعونها ، وبحسن نية
ثانيا : لغة التواصل الصحيح مع الطفل:
يعتبر التواصل الصحيح سر النجاح في العلاقات الأسرية بين الآباء والأبناء ويشمل التواصل الاستماع وأسلوب الكلام اللفظي وغير اللفظي
أسلوب الكلام مع الطفل:
يجب أن يحرص الآباء على استخدام أساليب كلام وتواصل تساعد على بناء ثقة الطفل بنفسه لا هدمها وفيما يلي نماذج الكلام الذي يؤذي نفسية الطفل:
ـ الكلام الهدام
ـ الكلام اللوام
ـ الكلام الصامت
ثالثا: الثبات في معاملة الطفل:
رابعا قبول الطفل:
1- الإيمان بفردية الطفل 2- مقارنة الطفل بنفسه وليس بغيره3 - الفصل بين ذات الطفل وأفعاله
كيف تقوي ثقتك بنفسك:
     التفكير بايجابية، المشاركة في المناقشات، تحمل المسؤولية، مساعدة الآخرين، حسن مظهرك، اقبل النقد الايجابي ، الجلوس في الصفوف الأمامية، ممارسة الرياضة والفنون الأخرى.
     وعلى المربين أن يحاولوا قدر المستطاع  تشجيع الطلبة ومساعدتهم على زيادة ثقتهم بأنفسهم وأن يتجنبوا أسلوب الاتهام بمجرد الشك ؛ لأن ذلك يؤدي إلى إحساس الأطفال بالظلم والجور وعدم الثقة بالنفس.
        نسأله تعالى أن يوفق الآباء والأمهات والمربين لما فيه صلاح هذا النشء وأن يجعل قدوتنا في ذلك رسول الهدى عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى : ]رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا[ .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
Dr.atiehjo@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق