الأربعاء، 16 مارس 2011

محاضرة التسامح في حياتنا إعداد : د. عطية أبو الشيخ


تتسارع الأحداث في هذا العالم ، وما يرافق هذا التسارع من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على كافة المستويات وبمختلف الأشكال ، ولما كانت المؤسسة التعليمية هي إحدى مؤسسات المجتمع التي تهتم بالفرد واعداده ورعايته وحمايته ، كان من الطبيعي أن تكون حقوق الإنسان هي إحدى المحاور الأساسية لعمل هذه المؤسسة واهتمامها واهتماماتها .

إن توفير بيئة آمنة مريحة للطلبة هو هدف عام تسعى كافة مدارسنا وجامعاتنا للوصول إليها ، ولأن هذا الهدف لن يكون تحقيقه ممكناً دون وجود بيئة مفعمة بالتسامح ، فكيف سيوجد الآمان والراحة في بيئة يسودها العنف ... لذا كان من الضروري أن تهتم وزارة التربية والتعليم بنشر الوعي حول دور التسامح في توفير بيئة آمنة ومريحة تساعد على تحقيق تعليم وتعلم أفضل لطلبتنا .

يعتبر الاهتمام بحقوق الإنسان إحدى الأولويات التي توليها المؤسسات التربوية اهتماماً كبيراً ، وتعمل على نشر الوعي لدى الطلبة والمعلمين والمديرين والمشرفين واساتذة الجامعات بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان بين النظري والعملي وما يترافق معها من انتهاكات خطيرة وعديدة لحقوق الإنسان .

ان زيادة الوعي بحقوق الإنسان تجعلنا قادرين على الدفاع عن أنفسنا ورد ما يقع علينا من انتهاكات وتجاوزات ، فإذا أردنا مستقبلاً زاهراً ومجتمعا متماسكاً فلا بد لنا من إعداد طلبة يعرفون أن مقابل كل حق واجب ، يؤدي واجباته لينال حقوقه .

وحتى نعّد الأرضية المناسبة لتعليم حقوق الإنسان فلا بد لنا من نشر ثقافة التسامح وجعلها اللغة السائدة في التعامل بين أفراد المجتمع ، فالأفراد المتسامحون هم الأكثر قدرة على القيام بالواجبات للمطالبة بالحقوق ، وهم كذلك الأكثر قدرة على فهم الآخرين وقبول تعدد الآراء ووجهات النظر .

لذا كان من الضروري أن تكون هذه الورقة حول التسامح ومفهومه وأهميته وأشكاله واستراتيجيات تعليمه وتعلمه ، ونتطرق الى بعض مظاهر العنف في المدارس والجامعات.

· لنستعرض أشكاله وآليات التعامل معه لتقليل آثاره السلبية :

أولاً : معنى التسامح

التسامح قيمة إنسانية تظهر لدى الأفراد من خلال التزامهم بالعفو عن أخطاء الآخرين وتجاوزها واحترام مظاهر الاختلاف بين الأفراد والتعامل الإيجابي مع كافة هذه المظاهر .

ولا يعني التسامح بحال من الأحوال التنازل أو المساومة أو التساهل في الحقوق ، ولكن التسامح هو أداة للحصول على الحق بكرامة واحترام .

وحتى نحكم على شخص بأنه متسامح فلا بد أن يكون غير متعصب ويتعامل بلين ورفق مع الآخرين ويتقبل ويحترم وجهات نظرهم ولا يفرض رأيه ، وهو موضوعي في رؤيته للأمور ويتعرف بحقوق الآخرين وهو قادر على الاعتذار عندما يخطئ ويتقبل اعتذار الآخرين .

إن ديننا الحنيف زاخر بالآيات والأحاديث والمواقف التي تدلل على أهمية وقيمة التسامح ، وخير دليل على قوله تعالى " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين " ، وكذلك قول الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه " وكذلك فإن التاريخ الإسلامي حافل بالمواقف التي تدل على التسامح .

ثانياً : أهمية التسامح

إن إشاعة ثقافة التسامح ليصبح ممارس بين الطلبة يسهم في إعدادهم ليكونوا مواطنين صالحين قادرين على التكيف الإيجابي والتعايش الفعّال مع مستجدات العصر ومتغيراته ، لذا فالتسامح ضرورة تربوية للأسباب التالية :

1. أن اختلاف الآراء قد يولد الخلافات ووجود التسامح يخفف من آثار اختلاف الآراء

2. يسهم التسامح في تحقيق التماسك والوحدة في المؤسسة .

3. التسامح متطلب أساسي لتوفير الأمن النفسي والاجتماعي .

4. يسهم التسامح في تعزيز المناخ التعليمي الفعّال ويزيد من الإنتاجية .

5. يسهم التسامح في حماية العاملين من الآثار السلبية للنزاعات والخلافات .

6. تشجيع الإبداع وتنمية الأفكار الخلاقة .

7. يقلل من أشكال الأنانية والتفرد .

8. يقضي على مظاهر الإحباط وينمي التعاون .

9. يسهم في تحقيق رسالة المؤسسة التعليمية وتحسين نوعية التعلم .

ثالثاً : أشكال التسامح

حسن الإصغاء رغم اختلاف الرأي ، التعبيرات الجسدية والحركية التي توحي بالاحترام استخدام التواصل اللغوي المفعم بالمحبة والاحترام ، الاعتذار عند الخطأ ، المشاركة الإيجابية في العمل الفريقي رغم اختلاف الآراء ، التوافق مع رأي الأغلبية قبول الاعتذار ، تقديم المساعدة ، المبادرة في حل النزاعات ، المساعدة في تعديل السلوك غير التسامحي .

رابعاً : استراتيجيات تعليم وتعلم التسامح

1. القدوة : التشاور مع الطلبة ، احترام أداء الطلبة ، تجنب فرض الرأي ، توظيف أسلوب النقاش ، الاعتذار للطلبة عند الخطأ ، تجنب استخدام الألقاب والألفاظ غير المحببة للطلبة ، تشجيع الطلبة على المشاركة ، التجاوز عن بعض الأخطاء لدى الطلبة مناداة الطلبة بأسمائهم ، إبراز العبارات المعززة للتسامح .

2. الإرشاد والتوجيه : الإذاعة ، مجلات الحائط ، الأناشيد ، الرسومات والصور ، التمثيليات ، لقاءات إرشادية جمعية ..........

3. المعايشة ( ممارسة السلوك ) : عمل المدرسة أو الجامعة كوحدة واحدة ، التزام الجميع بالأنظمة والقوانين، العمل ضمن الحرية المسؤولة ،التشاركية في اتخاذ القرارات

4. التعزيز : تحديد السلوك الخاطئ وتحليله ، تحديد السلوك المرغوب فيه ، تقديم التعزيز السلبي عند ظهور السلوك الخاطئ ، تقديم التعزيز الإيجابي عند ظهور السلوك الإيجابي ، متابعة الإجراءات السابقة حتى يحدث المحو " الإطفاء للسلوك غير المرغوب " ، توفير جداول تعزيز السلوك واشعار الطلبة بوجود سجلات وجداول تعزيز السلوك .

5. تفعيل إجراءات تساعد على تعزيز ثقافة التسامح :

1. الإذاعة ، اللقاءات ، الندوات ، اللوحات الجدارية ، الملصقات ، التمثيليات ، المسرحيات.

2. لجان متخصصة : لجنة حقوق الإنسان ، لجنة فصل النزاعات ، توظيف أسلوب الوساطة الطلابية

3. إحياء المناسبات العالمية الخاصة بذلك .

4. المسابقات : شعارات ، أبحاث ، رسومات ، لوحات ، الطالب المتسامح ، المعلم المتسامح .

5. تنظيم زيارات للمؤسسات الاجتماعية وذلك لتعميق المشاعر الإنسانية النبيلة .

6. تشكيل مجلس الطلبة.

خامساً : الإفادة من مبدأ التسامح في الجامعات والمدارس :

يمكن الإفادة من توظيف مبدأ التسامح في الجامعات والمدارس بتخفيف حالات العنف بين الطلبة والطلبة أو بين المعلمين والطلبة أو بين المعلمين والإدارة ........

ويعرّف العنف على أنه مجموعة من الأنماط السلوكية غير المقبولة التي تؤدي ممارستها الى إلحاق الأذى والضرر بالآخرين أو الممتلكات أو الاثنان معاً .

وتتنوع أشكال هذا الأذى لتشمل الأذى النفسي والاجتماعي والمادي ولابد من توظيف التسامح للقضاء على العقوبات البدنية بأشكالها المختلفة وكذلك العقوبات النفسية وكذلك فإن التسامح يقلل من حوادث التخريب والاعتداء على الممتلكات وتقليل من مظاهر السلوك العدواني المتمثل في المشاجرات والعراك وما يرافقها من أحداث .

سادساً : بدائل العقاب المعززة للتسامح :

1. مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة ومراعاة أنماط تعلمهم المختلفة .

2. وعي الخصائص النمائية لمراحل نمو الطلبة .

3. التعرف الى البيئة الاجتماعية للطالب .

4. عمل سجل خاص للتعزيز والعقاب .

5. اشغال الطالب قدر الإمكان بالأنشطة المثمرة المفيدة " فإن لم تشغل الطلبة يشغلوك "

6. الحرص على أن لا تكون مصدراً لقهر الطالب " فالقهر يولد القهر "

سابعاً : العوامل التي قد تؤدي للعنف لدى الطلبة :

الخيبة والإحباط نتيجة ظروف اجتماعية أو دراسية أو نفسية ، الفشل ، الكبت الداخلي ، وسائل الإعلام ، التفكك الأسرى ، السيطرة والقمع ، التمييز وعدم العدالة ، طبيعة البيئة الجامعية أو المدرسية والنمط الإداري التسلطي ، غياب المعرفة بالتعليمات والأنظمة وقوانين النظام والانضباط ، قمة النشاطات المدرسية الهادفة المثيرة للاهتمام ، النزاعات خارج المؤسسة التربوية .

ثامناً : توصيات للتقليل من العنف :

1. ضرورة توضيح تعليمات النظام والانضباط المدرسي .

2. تبني إجراءات وقائية " التعزيز ، المشاركة ، الإرشاد ، عدم اللجوء للعقاب ، توطيد العلاقات ، الثقة ، تفعيل المجلات الطلابية ، التوعية ، مسح الحالات الانسانية ، توجيه الطلبة الى مضار اللجوء للعنف بكافة أشكاله " .

3. اللجوء للمرشد للمساعدة.

4. إبلاغ الإدارة عن المشاكل التي تحصل لمتابعتها في وقتها .

5. مراقبة الشلل والعصابات ووضعها تحت الضوء .

6. ضرورة قيام المشرفين بالمراقبة الحثيثة لطلابهم وتوجيههم على شكل مجموعات دون تخصيص .

تاسعاً : إجراءات حل مشكلة معينة :

1. التدخل الإيجابي بشكل فوري لفض النزاع حال حدوثه .

2. جمع أطراف النزاع مع بعضهم ودراسة الأسباب التي أدت الى المشكلة .

3. إتاحة الفرصة للطرفين للتأمل فيما جرى .... هل هو سلوك سليم ، ما رأيكم ...... وبذلك نساعدهم للوصول للحل بأنفسهم .

4. قد نلجأ الى أسلوب تدخل الأقران والوساطة الطلابية وذلك باختيار مجموعة طلبة من ذوي القدرة القيادية وفهم بالقوانين وذلك بناءً على رغبة طرفي النزاع .

5. ضرورة التعميم على الجميع بوجود لجنة وساطة طلابية في الجامعة واعلان أسماء اللجنة وتعريف اللجنة بالتعليمات والأنظمة والقوانين ومهارات التفاوض .

6. إعداد برنامج للوساطة الطلابية يحدد فيه الأدوار ، الزمن ، المكان ، التوثيق في سجل خاص .

عاشراً : توظيف المنهاج لتوضيح مفاهيم حقوق الإنسان :

1. الدمج : تدريس مفاهيم حقوق الإنسان من خلال محتوى الدروس .

2. التدريب التعاوني والمشاركة مع الزميل .

3. الحوار في المحاضرات واحترام وجهات النظر .

4. قراءة القصص المرافقة وعمل تلخيص لها وقراءته في وقت قصير من الحصة .

5. توثيق ما يتم تدريسه في الحصص في التخطيط اليومي للمعلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق