السبت، 7 مايو 2011

أيدولوجية التعليم في دولة اسرائيل الحديثة د. عطيه أبو الشيخ

سنوات طويلة مرت على تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية، وأكثر من قرن على بداية السعي لتأسيس هذا الكيان، وما زالت صورة العرب في الثقافة والتربية اليهودية صورة سوداء مشوهـــــة ، لا تعرف إلا مفردات الكراهية والعداء المتزمت للعرب .
أجريت الكثير من الدراســــــــــات العلمية الرصينة منذ تأسيس هذا الكيان في قلب الوطن العربي الكبير بغرض بحث التربيـــــة الصهيونية ومناهج التعليم بشكل عام في دولة إسرائيل وذلك منذ منتصف القرن التاسـع عشر حتى قيام الدولة اليهوديـــــــة على أرض فلسطين، وكانت النتائج تدل على أن السياسة التربوية الإسرائيلية تقوم أساسًا على مرتكزات دينية خاصــــة مستمدة من التوراة والفكر اليهودي تدعو إلى ربط الإنســــــان اليهودي بأرض فلسطين باعتبارها أرض الميعاد التي وعد الله بها الشـــــــــــعب اليهودي المختارفي التوراه، مما أدى الى ظهور جيل متعصب ومتمسك بأرض إسرائيــــــــل ـ كما يدعي ـ و يشعر بالتميزوالتعالي على باقي شعوب الأرض وخاصة الشعب العربي.
مراحل ثلاثة للتعليم اليهودي:
من خلال العديد من الدراسات التي أجريت توصل الدراسون لمناهج التعليم الإسرائيليــــــــــة إلى مراحل التعليم اليهودي الآتية:
المرحلة الأولى: بدأت من 1881 – 1918، ويستند التعليم في هذه المرحلة بشكل مباشر على المسائل الدينية معتمدًا على التناسخ والتلمود. وقد ظهر في هذه المرحلة العديد من الفلاسفة اليهود الذين طرحوا العديد من الآراء الفلسفية حول ماهية الدولة ونظم الحياة فيها، وكيف يجب على اليهود أن يؤسسوا دولة يهودية، ومن أشهرهم موشيه هس وليو بنسكر ورائد الصهيونية ومؤسسها ثيودور هرتزل.
المرحلة الثانية: بدأت من عام 1948 بعد قيام الدولة الصهيونية، حيث صدر قانون التعليم العام في إسرائيل عام 1949، وفي عام 1953 صدر قانون إلزامية التعليم، وحاولت الدولة المصطنعة بناء مؤسسات تعليمية تقوم على أساس المبادئ الصهيونية لإيجاد مجتمع يهودي يدين بالولاء للصهيونية العلمانية، ويرتبط بشكل كبير بالأرض.
المرحلة الثالثة: بدأت عند توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979، ومن ثَم اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، ويلاحظ أن المفاهيم الأساسية في العملية التربوية الصهيونية لم تتغير أبدًا، فوصف العرب بأنهم متخلفون وجبناء ومحتلون لأرض اسرائيل .
: أسس التعليم الصهيوني
قانون التعليم في دولة إسرائيل وضع على أساس قيم الثقافة اليهودية، والتي تحض على تحصيل العلوم ومحبة الوطن والولاء لدولة إسرائيل والشعب اليهودي والتدرب على الأعمال الزراعيــــــــــة والحرفية وتحقيق مبادئ الريادة.
ويلاحظ القارئ لكتب الأديان الإسرائيلية أن اليهودي ينظر إلى الغير وخاصة العرب نظرة استعلائية باعتباره جنسا بشريا بدائيا ومتخلفا حضاريًّا؛ لذا لا بد من تسخيره لخدمة شعب اسرائيل.
الأدب العبري:
لذا فقد حمل الأدب العبري في طياته الكثير من التحريض على الاحتلال والاستيطان والترحيل للعرب. وانتقل الأدب العبري من أدب التجنيد والتحريض في ظل الانتداب ونشوء المنظمات الصهيونية وأدب الكارثة والبطولة في أعقاب الحرب العالمية الثانية إلى أدب الحروب منذ عام 1948، وحرب حزيران ( الأيام الستة)1967 ، وحرب الغفران(تشرين) 1973.
أما أدب الثمانينيات الإسرائيلي، فقد عبّر عن ردود الفعل الإسرائيلية على الحروب التي شنتها إسرائيل على لبنان عام 1982. وقد خضعت نظرة الأدب العبري للشخصية العربية لحالات زمنية تربط بزعيم، أو بواقعة عسكرية أو موقف عدائي عنصري يتصف بالعرقية.
كذلك لم تتغير صورة الإنسان العربي في أدبيات الأطفال اليهود منذ تأسيس الدولة، فالنظرة تجاه الإنسان العربي بقيت عدائية حتى بعد توقيع اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، ولم تحل محلها أية نظرة احترام أو محبة، وتدعو هذه الكتب إلى إعادة العرب إلى الصحراء وإحلال اليهود مكانهم؛ لأن هذه أراضي اليهود وليست لهؤلاء العرب المحتلين، وتصور العربي بأنه شجرة بلا جذور يمكن اقتلاعها في أي وقت ومتى تشاء.
الكتب المدرسية:
الكتب المقررة في المدارس اليهودية العامة تكرّس هذه التوجهات من قبيل مجموعة الأرض الطيبة التي صدرت عن وزارة المعارف الإسرائيلية عام 1986 وهي مخصصة للمدارس اليهودية الدينية وفيها مختارات من التوجيهات الدينية والشعر والقصة اليهودية، وقد ورد عنوان في هذه السلسلة بما نصه "لمن تنتمي أرض إسرائيل"، ويؤكد فيها المؤلف على أن أرض إسرائيل هي لليهود، ولكن جاءت شعوب أخرى كالعرب واحتلوها لفترة طويلة وصيروها خرابًا ودمارًا، وكان العرب فيها قليلون جدًّا.
أما كتاب الجولان والجليل بأقسامه، وكتاب الكرمل وشمال البلاد فيعتبر المؤلف الجولان جزءاً من أرض إسرائيل ويبحث في مناطق وطرق الجولان وقطاع غزة، ويورد نماذج صور للقرى العربية في منطقة القدس إلى جانبها نماذج للمباني اليهودية من أجل الإيحاء للقارئ مدى التطور الذي حصل بسبب قدوم اليهود. وتحاول الكتب اليهودية التربوية دمج التاريخ بالجغرافيا من أجل ترسيخ المفاهيم الصهيونية.
: الدول العربية في الكتب الصهيونية
ومن الكتب الأخرى التي وضعت للطلاب اليهود من أجل دراستها وترسيخ مفاهيم معينة لديهم، كتاب تحولات جغرافية الشرق الأوسط لمؤلفه البروفيسور أرنون سوفير، ويلاحظ أن هذا الكتاب يتحدث عن الشرق العربي دون أن يأتي مطلقًا على ذكر العرب في المنطقة التي سكنوها إلا من خلال التقليل من شأن العرب ووصفهم بالمتغلغلين في مجالات الحياة، وهو يعمد إلى التنكر للوجود العربي حتى إن الخليج العربي يطلق عليه اسم الخليج الفارسي، ويصف الدول العربية المجاورة لفلسطين بالمتخلفة.
أما عن التطورات التي تحصل في الخليج العربي فيرى أنها خطيرة، حيث يرى أن امتداد الطرق والتطور العلمي وواردات النفط الكبيرة يمكن أن تهيئ لقيام دولة قوية في الخليج، مع وجود أصولية إسلامية هناك ويرى أن شرق الأردن هو جزء من أرض إسرائيل وفيها أماكن خاصة باليهود مثل نبو وجلعاد، ولم يسلم بلد عربي من النقد والوصف بالتراجع والتخلف
تهويد الناشئة العرب:
أخطر ما في أدبيات الإسرائيليين ليس مجرد الاكتفاء بفرض صورة قاتمة عن العرب في أذهان أبنائهم، وإنما تجاوز ذلك إلى محاولة تهويد فكر الناشئة العرب في فلسطين المحتلة عام 1948 الناظر إلى ما ينتقى ويختار من المواد فالمواد الأدبية والتعليمية التي تفرض على الطلاب العرب، يلاحظ أن الصهيونية تنتقيها بشكل مركز في كل فقرة أو لفظة لتهويد فكر الناشئة العرب بهدف سلخهم ما أمكن عن تراثهم ونتاج أمتهم الفكري، ويلاحظ أن ما يُنتقى من الأدب العربي يفتقد إلى روح الانتماء الوطني والقومي والديني للأمتين العربية والاسلامية، فهي عبارة عن مختارات من قصائد تجسد الفرقة والطائفية بين العرب والمسلمين، وتدعو إلى السلم تارة أو إلى استحباب الحرب تارة أخرى، ومن أمثلة ذلك سلسلة كتب تاريخ الأدب العربي لمؤلفه اليهودي مراد ميخائيل.
وبذلك استطاعت دولة إسرائيل بايدولوجيتها الدينية والعسكرية أن تبقى الأقلية العربية تابعة للأكثرية اليهودية في جميع المجالات، وهذا الشيء يتضح من خلال تدني مستوى التعليم عندهم، حيث انه وبناء على تدني التعليم يكون هنالك تدني في المستوى الاقتصادي، وبهذا فأن الأقلية العربية تابعة للأكثرية اليهودية في هذا المجال وغيره من مجالات الحياة المتعددة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق